ييراء
- مفيش حاجة هتبقى كويسة، مفيش حاجة.
ظلت تصرخ بخوف وهو يحاول تهدئتها لكن دون جدوى، بعدها بثوان تحرك جسدها ببطىء وبدأت بفقدان الوعي.
- سـلمـى!
قام مهاب بالإتصال على قاسم وهو يتحرك بالسيارة نحو المستشفى:
- قاسم! الحقنا على المستشفى.
صرخ قاسم بقلق:
- ليه في إيه؟ لقيت سلمى؟
- شباب كانوا هيخدوها واغمى عليها، الحقني على هِناك.
- أنا جاي حالًا، خلي بالك منها يا مهاب.
أغلق معه ف صرخ قاسم بدموع:
- يا رب ليه بتعمل معاها كدا؟ يا رب.
- هي البت أخت جوزك ديه هتفضل قاعدة معاكوا في البيت كدا كتير؟
- وإيه يعني يا ماما؟ ما تفتحيش معايا الموضوع دا تاني!
- يا بنتي دي قاعدة معاكوا وفي شقتكوا، أكيد مش بتاخدي راحتك لا في لبسك ولا قعدتك!
زفرت أروى بضيق:
- يا ماما؟ ما خلاص بقى! قوليلي بابا عامل إيه؟
نظرت لها والدتها بملل وهي تقول:
- كويس! عارفة يا بت يا أروى جارتك أم أمل؟
- أيوة يا ماما؟ مالها؟
- البت دعاء بنتها متقدملها عريس إيه؟ شغال في مصنع معرفش إيه يا بنتي، وبياخد في الشهر ٥٠٠٠ جنيه، والواد إيه بقى طول بعرض بحلاوة بأيه.
زفرت أروى بملل وهي تعرف عادة والدتها الفضولية:
- أها وبعدين؟
مصمصت والدتها شفتيها بملل وهي تقول:
- بس يا بت البت بنتها رفيعة كدا ومش جايبة نصه و
قاطعتها أروى بنفاذ صبر:
- بقولك إيه يا ماما؟ تشربي إيه؟ هنبدأ نجيب في سيرة الناس ومش هنخلص!
- أي حاجة نبل بيها ريقنا يا اختي.
كانت تقف سلمى أمام الباب بالصدفة واستمعت لحديثهم وذهبت لغرفتها سريعًا لتبدأ في البكاء.
- أنا فعلًا ما ينفعش أفضل كدا، أنا بقيت حِمل على قاسم وهو مش واجب عليه يقعدني في شقته، أنا هرجع أتكلم معاه تاني في موضوع الشقة.
أزالت دموعها ورجعت بذكرياتها أحداث اليومين الماضيين، بعد حادثة الشابين.
قبل يومين.
دلف قاسم لغرفة سلمى وجد مهاب يقف يتحدث مع الطبيب، واخته فاقدة للوعي.
أردف هو بقلق:
- سلمى مالها؟ جرالها إيه؟ انطق يا مهاب.
ربط مهاب على كتفه ثم قال:
- اهدى يا قاسم، سلمى كويسة ولحقتها؛ هي بس تعبت والدكتور إدالها مهدئ ونامت.
جلس على المقعد ووضع رأسه بين يديه:
- جرالها إيه بس؟ حصلها إيه أنا السبب.
جلس مهاب بجانبه وقال:
- مش إنتَ السبب، قدرها كدا، إهدى علشان لما تصحى تلاقيك جمبها وتقويها.
- حاضر، حاضر، إن شاء الله خير.
- إن شاء الله.
بعد مدة قامت سلمى وبدأت بالبكاء والصراخ وهي تصرخ باسم قاسم، ذهب إليها وضمها وهو يقول:
- إهدي يا سلمى، إهدي يا حبيبتي ما حصلش حاجة إهدي.
قالت هي ببكاء وخوف:
- كانوا هيخدوني معاهم يا قاسم، كان هيحصل معايا تاني، أنا ليه حياتي كدا؟
- إهدي يا قلب قاسم، ما حصلش حاجة، قومي يلا علشان نمشي.
- أنا تعبانة ومش قادرة أتحرك، أنا نفسيتي تعبانة.
حملها قاسم وهو يقول بحب وحنان:
- سيبي موضوع نفسيتك دا عليا أنا.
ابتسمت بحب هي الأخرى:
- حاضر.
عادت من شرودها ودموعها تهبط بغزارة وهي تقول بدعاء:
- يا رب قويني، يا رب انتقم منه ومن اللي ظالمني وأذاني.
..........................................
- قاسم؟
- نعم يا سلمى؟
- ممكن تيجي الأوضة أقولك حاجة؟
نظر لها قاسم بإبتسامة:
- قولي يا سلمى أروى مش غريبة.
ابتسمت أروى وسلمى بإحراج لبعضهم، ف قالت سلمى:
- لاء غريبة إيه البيت بيتها والموضوع عادي مش فيه حاجة، هو أنا كنت عايزة تشوفلي شقة لوحدي.
قذف قاسم الطبق الذي أمامه بغضب وهو يقول:
- برضو أم الموال الزفت دا مش هيخلص! طلوع من البيت مش هيحصل فاهمة؟
ارتعش جسدها وبدأت بالبكاء، وهي تقول بخوف:
- إنتَ بتزعقلي ليه طيب؟
- علشان أم دا موضوع! مش قايل مرة قبل كدا قفلي عليه؟ حصل ولا ما حلصش؟
- حصل.
- أومال إيه؟ أي عند وخلاص؟
أردفت سلمى بكذب:
- لاء كنت هقولك عايزة أشتغل، شوفت إعلان في شركة وبفكر أروح هِناك واحجزلي شقة.
نظر لها قاسم بشك ف هي لا تحب الإختلاط وتخاف من البشر عمومًا، ف كيف لها بالتعامل معهم.
أردف بعد وقت بعدم اقتناع:
- هبقى أشوف الحوار دا.
- ما تنساش؟
- إن شاء الله.
تركتهم وذهبت، وكانت تنظر لهم أروى بقلق وهي تهمس لنفسها:
- شكل سلمى سمعت ماما، أنا مش عارفة، أنا هقوم أتكلم معاها.
نظر قاسم لأروى وقال:
- ما شاركتيش يعني في الحوار؟
- هاه؟ لاء مش عارفة، بس أكيد مش هتمشي ونسيبها لوحدها، وانا كدا كدا إتعودت عليها وعلى وجودها وبقينا صحاب ودا من زمان.
- أها، هشوف الحوار دا.
نهضت أروى وقالت:
- تمام، أنا قايمة أتكلم معاها.